أحدى حلقات حركة الحقوق المدنية ومطالبة الأمريكي الأسود بحقه المهضوم
إحدى أسوأ النقاط السوداء وأطولها إمتدادا في التاريخ الأمريكي هي حالة إستغلال الإنسان الأسود , والتي تطلّبت وقتا طويلا أمتد لقرون قبل تستطيع فيه أمريكا التغلب على عقدتها تلك وإنتخاب رئيس أمريكي أسود هو رئيسها الحالي باراك أوباما قاطن أكثر بيت مطلوب في امريكا وهو البيت الأبيض , ولكن ذلك لا يعني أن العنصرية أنتهت تماما من المجتمع الأمريكي وأن كانت بالتأكيد شهدت تحسنا كبيرا , ولعل أحدى أهم مراحل التطور في النظرة الأمريكية للأنسان الأسود بعد إقرار قانون إنهاء العبودية هي فترة حركة الحقوق المدنية التي حصلت في الستينات من القرن الماضي , وهي الفترة التي تجري فيها أحداث الفيلم الإجتماعي (The Help) أو (الخدم) والمبني على رواية كتبتها الروائية كاثرين سوتكيت حملت نفس الأسم , تجري أحداثها في الجنوب الأمريكي في فترة الستينات وفي إحدى ضواحي ولاية مسيسيبي تحديدا وهو يصوّر بداية ثورة على الوضع المزري والأعوج للخدم السود وطريقة معاملتهم من قبل مخدوميهم البيض , تقودها سيدتان الأولى شابّة بيضاء والأخرى سوداء في متوسط العمر لإصلاح الأمور وتكريس العدالة الإجتماعية , الفيلم من بطولة إيما ستون , فيوليا ديفيس , أوكتيفيا سبنسر و إليسون جيني كتب نصه وأخرجه تيت تايلور .
كسر حاجز الصمت
يتمحور الفيلم حول الصحفية الشابة “أغوينيا” التي تتخرج من كليّة الصحافة وتعود لبلدتها الأم لتصدم بأن الخادمة التي ربّتها وعملت لدى والديها لفترة تسعة وعشرين عاما قد فصلها والديها عن العمل بعد كل هذة السنين , ما يهزّها ويفتح عينيها على الوضع المزري الذي يعاني منه خدم المنازل السود في بيوت الطبقة البيضاء العليا وتجد في ذلك فكرة تحقيق صحفي تظهر فيه وجهة نظر خدم المنازل عن الظلم الذي يتعرضون له يوميا , ولكنها تفاجأ بصعوبة الأمر وعزوف الخدم عن الحديث في الموضوع لخوفهم من خسارة وظائفهم التي تعيلهم وتعيل عوائلهم ذلك إلى أن تجد الخادمة “أبلين” الشجاعة في داخلها لكسر حاجز الصمت والمضي بالأمر والخوض في أمر هذا الظلم الإجتماعي المسكوت عنه .
تكريس العنصرية
الفيلم يصور حالة من السعي لتكريس العنصرية وتثبيتها في داخل البنيان المجتمعي بتشريع قوانين مجحفة في حق الخدم السود , ذلك في بيئة خارجة لتوّها من مرحلة العبودية ولم تتطور فيها الرؤية الإجتماعية للإنسان الأمريكي الأسود كثيرا , وهو يركّز على جانب من المجتمع منقسم على نفسه إلى طبقتين وثقافتين مختلفتين , طبقة بيضاء عليا ذات ثقافة فوقية عنصرية وطبقة سوداء دنيا ومسحوقة تتحمل عن غير ذنب تبعات تلك العنصرية الراسخة فيه .
تمثل تلك الطبقة المسحوقة الخادمة “أبلين” السجينة في داخل حدود الإطار الذي حبسها فيها المجتمع الأمريكي الجنوبي فجدّتها كانت عبدة مملوكة في أواخر أيام العبودية قبل إلغاءها عقب إنتها الحرب الأهلية الأمريكية , والتي خرج من بعدها الأمريكيين السود أحرارا ولكن ولكن الفقر الذي وجد معظمهم فيه أنفسهم كان نوع آخر من العبودية قيّدهم في قاع المجتمع وحبسهم في إطار الوظائف الخدمية الدنيا , فوالدة “أبلين” أصبحت خادمة لتعيل عائلتها وورثت إبنتها من بعدها تلك المهنة التي تضطرّها لترك بيتها وأبنها للذهاب لخدمة ورعاية أطفال مخدوميها البيض .
أغوينيا و أبلين
إيما ستون تلعب دور الصحفية الشابة الطموحة “أغوينيا” التي تحمل أفكارا تعدّ تقدّمية بالنسبة لمجتمعها الرجعي , مما يعيق طريقها للزواج ولكن يعطيها الحماس والدافع لإثبات نفسها ومحاولة دفع نوع من التغيير في ذلك المجتمع , ويكون طريقها لذلك هو ذلك هو تبنّي تلك القضية صحفيا , وترسم إيما صورة تلك الشابة الرافضة لرواسخ مجتمعها بشكل جميل وحسّاس .
وتقوم بدور “أبلين” الممثلة فيوليا ديفيس التي تعكس بإقناع بؤس وحزن شخصيتها الواعية لمرارة حالها والمتقبّلة للحدود التي وضعها المجتمع لها , وتجد بعد معاناة في داخلها الشجاعة لرفض هذا الوضع والثورة عليه , إليسون جيني تتميز في دور الأم التقليدية التي ترى أن مستقبل أبنتها “أغوينيا” في الزواج والدخول في ظل رجل وزوج يعيلها ويحميها وتجد صعوبة في تقبّل أفكار وطموحات إبنتها .
نقلة للأمام
فترة منتصف القرن العشرين شكّلت نقلة للأمام في الوضع الإجتماعي والحقوقي للأمريكيين السود وفيلم (The Help) يصوّر أحد حلقاتها ويوجه المنظار على جانب من هذة المرحلة الإجتماعية المهمّة في التاريخ الأمريكي وقصة ومن القصص الكثيرة التي كوّنت شخصية تلك المرحلة .
تقييم الفيلم
إن كنت قد شاهدت هذا الفيلم شاركنا في تقييمه 😀 |
فيديو متصل
جميل عن جد أخى 🙂